الحلاقة مهنة الصبر والقصص


كانت مهنة الحلاقين في قديم الزمان مهنة ذات قيمة ومكانة بين الناس، ويرتفع قدر العاملين فيها اجتماعيا لدرجة تقارب مكانة الطبيب في زماننا، ولم يكن دور الحلاق ينفصل عن الطبيب الذي يعمل إلى جانب تجميل شعور الناس ووجوههم إلى تطبيبهم من أمراض مختلفة مستخدما الطب العربي والأعشاب الطبيعية والحجامة وغيرها، أما الآن فقد تغير الزمان وتغيرت وظيفة وأدوات الحلاق وتراجعت مكانته بين الناس. للحديث بشكل أوسع عن مهنة الحلاقين أو مزيني الشعر التقينا الشاب السوري مؤيد صالح الذي يعمل فيها منذ 15 عاماً. يتحدث مؤيد عن سبب اختياره لمهنته ويقول :” لدينا عادة في سوريا وهي ضرورة تعلم حرفة إلى جانب الدراسة حتى إذا ما كبرنا ولم نجد وظائف بشهاداتنا العلمية نعتاش من الحرفة التي تعلمناها على يد أحد الحرفيين الكبار، وكان اختيار حرفة أو مهنة الحلاقة لأتعلمها في الصغر من جانب والدي ولم أكن أرغب بتعلمها ولا تعلم غيرها لأنني كنت طفلا كل همه اللعب ولا شيء غيره، لكن أسلوب معلْمي كان جميلاً جداً في التعامل والتعليم مما جعلني أحب المهنة كثيراً “ ويضيف :” صرت أراقبه عن قرب وأساعده بعد أن يحلق للزبون في تنظيف رقبته وتحديدها بالموس، وبعد 9 سنوات من ملازمته صرت أحلق للزبائن بأدوات تقليدية على الرغم من تطور الحياة وقتها لكن معلْمي كان يصر على أدواته القديمة ذاتها حتى يومنا هذا مما اضطرني لطلب شهادتي منه والسفر إلى لبنان للعمل في أحد صالونات الحلاقة الحديثة التي تستخدم أدوات وقصات حديثة فأطور من نفسي وخبراتي “ انتقل مؤيد للعمل إلى السعودية بعد أن اكتسب خبرة في لبنان ومنها انتقل إلى الإمارات وبالذات مدينة العين ليكون مسؤولاً عن إدارة أحد الصالونات الفخمة في مدينة العين. صبر الحلاق عن أهم الصفات المطلوبة من الحلاق يقول مؤيد: يجب على العامل في صالونات الحلاقة أن يكون صبوراً متفهما لنفسيات الزبائن، فبعضهم صعب المزاج وعصبي يحتاج لأسلوب معين في التعامل معه، ومنهم بشوش ولطيف وسخي، ومنهم من يحب التحدث عن حياته الشخصية أثناء الحلاقة، ومنهم من يلتزم الصمت، لذا يجب على الحلاق أن يستوعب أسلوب التعامل مع مختلف الأمزجة”. يشدد مؤيد على سر آخر من أسرار المهنة، وهو ضرورة إشعار الزبون بالراحة النفسية إلى أعلى الحدود، ويشرح: تعلمت ذلك من معلمي القدير، ويمكن الوصول لراحة الزبون النفسية عن طريق اتقان العمل والتعامل بلطف واحترام، فأبسط السلوكيات في هذا الصالون تؤثر في الزبون وتجعله يعود مرات عدة للحلاقة به أو يهجره ويبحث عن مكان آخر، وكمثال على ذلك بحسب مؤيد الإمساك برأس الزبون بلطف أثناء الحلاقة وغيرها وليس بقسوة ولا بد أيضا من الانتباه الشديد أثناء العمل فعادة ما يأتي أغلب الزبائن ويحبون الاستلقاء على الكرسي بسند رؤوسهم للخلف وإغماض عيونهم بينما يقوم الحلاق الذي أشعر هذا الزبون بالراحة النفسية دفعته للنوم بقص أو ترتيب لحيته أو شاربه فإذا ما رن الهاتف قد ينهض الزبون مستعجلاً يريد أن يرد وقد تسبب له هذه الحركة الفجائية إصابة بالمقص وغيره وهنا لا بد من الانتباه الشديد من قبل الحلاق الذي سيمنع ذلك بعدم سرحانه وتركيزه العالي أثناء العمل. الحلاقة للصغار ويلفت مؤيد إلى أن الحلاقة للأطفال من أصعب أنواع الحلاقة بحكم أنه يحلق لهم من عمر 6 شهور فما فوق ويعاني معهم كثيراً لأنهم يأتونه خائفين من الحلاق نفسه وأدواته فيسعى إلى تبديد خوفهم أولا عبر فتح إحدى القنوات الفضائية المخصصة للأطفال وإعطائهم حلويات أو سكاكر ومداعبتهم مما قد يأخذ معه وقتا ليس بالقصير ويترك هذا الطفل يمرح بالمحل ويجلس على كراسيه ومن ثم يحلق له على خلاف ما يقوم بعض الحلاقين والحلاقات الذين يختص بعضهم بالحلاقة للأطفال من قسوة في إمساك الأطفال وتثبيت رؤوسهم وتركهم يبكون ويبدأون بالحلاقة بسرعة مما قد يسبب أذى لهم كقص الأذن ويترك هالة سوداء ومخاوف داخل الطفل طوال حياته من الحلاق.





#اكاديمية_يعقوب #حلاق






ليست هناك تعليقات